فصل: (سورة آل عمران: الآيات 113- 115)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

اختلف أهل العربية في المعنى الذي جلب الباء في قوله تعالى: {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} فقال بعض نحويي الكوفة وعلى رأسهم الفراء في كتابه معاني القرآن: الذي جلب الباء في قوله: بحبل، فعل مضمر قد ترك ذكره. ومعنى الكلام: ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا أن يعتصموا بحبل من الله، فأضمر في ذلك. واستشهد الفراء بقول حميد بن ثور الهلالي:
رأتني بحبليها فصدت مخافة ** وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق

وقال: أراد أقبلت بحبليها. ويقول أبي الطمحان القيني:
حنتني حانيات الدهر حتى ** كأني خاتل أدنو لصيد

قريب الخطو يحسب من رآني ** ولست مقيدا أني بقيد

يريد مقيدا بقيد فأوجب إعمال فعل محذوف وإظهار صلته وهو متروك، وذلك في مذاهب العربية ضعيف، ومن كلام العرب بعيد.
إلى أن يقول: وقال بعض نحويي البصرة: قوله: {إلا بحبل من الله} استثناء خارج من أول الكلام، قال الفراء: وليس ذلك بأشد من قوله: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما}، وقال آخرون من نحويي الكوفة: هو استثناء متصل، والمعنى ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا أي بكل مكان إلا بموضع حبل من الله، كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأمكنة إلا في هذا المكان. وهذا أيضا طلب الحق فأخطأ المفصل، وذلك أنه زعم أنه استثناء متصل، ولو كان متصلا كما زعم لوجب أن يكون إذا ثقفوا بحبل من الله وحبل من الناس غير مضروبة عليهم المسكنة، وليس ذلك صفة اليهود لأنهم أينما ثقفوا بحبل من الله وحبل من الناس أو بغير حبل من الله عز وجل وغير حبل من الناس فالذلة مضروبة عليهم، على ما ذكرنا عن أهل التأويل قبل فلو كان قوله: {إلا بحبل من الله وحبل من الناس}، استثناء متصلا لوجب أن يكون القوم إذا ثقفوا بعهد وذمة أن لا تكون الذلة مضروبة عليهم، وذلك خلاف ما وصفهم الله به من صفتهم، وخلاف ما هم به من الصفة، فقد تبين بذلك فساد قول هذا القائل أيضا.
تعليق ابن جرير:
وقال أبو جعفر الطبري: ولكن القول عندنا أن الباء في قوله: {إلا بحبل من الله}، أدخلت لأن الكلام الذي قبل الاستثناء يقتضي في المعنى الباء، وذلك أن معنى قوله: {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا}: ضربت عليهم الذلة بكل مكان ثقفوا فيه، ثم قال: إلا بحبل من الله وحبل من الناس، على غير وجه الاتصال بالأول، ولكنه على الانقطاع عنه، ومعناه: ولكن يثقفون بحبل من الله وحبل من الناس، كما قيل في: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} فـ «خطأ» وإن كان منصوبا بما عمل فيما قبل الاستثناء فليس قوله باستثناء متصل بالأول، بمعنى إلا خطأ فإن له قتله كذلك، ولكن قد يقتله خطأ، فكذلك قوله: {أينما ثقفوا إلا بحبل من الله} وإن كان الذي جلب الباء التي بعد إلا الفعل الذي يقتضيها قبل إلا فليس الاستثناء بالاستثناء المتصل بالذي قبله، بمعنى أن القوم إذا لقوا فالذلة زائلة عنهم بل الذلة ثابتة بكل حال، ولكن معناه ما بيناه آنفا.
وقد آن أن ننتهي من هذا البحث الذي طال بعض الطول ونحمد الله على أنه ألهمنا ما لم يلهم أحدا من قبل. ولعلهم لو امتد بهم العمر إلى أيامنا لأدركوه كما أدركناه، وسبروا غوره كما سبرناه. ولعل من خير حسن الختام أن ننبه إلى خطأ وقع فيه بعض الأئمة من المتقدمين وجل من تنزه عن الخطأ، فقد زعم بعض من لا تحصيل له أن المعطوف على جواب الشرط بثم لا يجوز جزمه البتة قال: لأن المعطوف على الجواب جواب، وجواب الشرط يقع بعده وعقبه، وثم تقتضي التراخي فكيف يتصور وقوعه عقب الشرط؟ فلذلك لم يجزم مع ثم.
وهذا فاسد واضح البطلان، وليس لنا أن نستشهد على بطلانه إلا بقوله تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} فـ {لا يكونوا} مضارع مجزوم نسقا على {يستبدل} الواقع جوابا للشرط والعاطف ثم. وبهذا يكتمل عقد هذا البحث الذي نزفه إلى العالمين العربي والإسلامي ليستبشروا فالنصر آت، وزوال هذه الدويلة المسخ وعد تنزلت به الآيات. ونقتبس هذه العبارة للزمخشري فهي خير ما يقال: وحين رفع كان نفي النصر وعدا مطلقا كأنه قال: ثم شأنهم وقصتهم التي أخبركم عنها، وأبشركم بها بعد التولية أنهم مخذولون، منتف عنهم النصر والقوة لا ينهضون بعدها بنجاح ولا يستقيم لهم أمر، وكان كما أخبر من حال بني قريظة والنضير وبني قينقاع ويهود خيبر، والله الموفق للصواب.

.[سورة آل عمران: الآيات 113- 115]

{لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ الله آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَالله عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}.

.اللغة:

(الآناء) الساعات، واحدها أنى بفتح الهمزة والنون، بوزن عصا، أو إني بكسر الهمزة وفتح النون بوزن معى، أو أني بفتح الهمزة وسكون النون بوزن ظبي، أو إني بكسر الهمزة وسكون النون بوزن حمل.

.الإعراب:

{لَيْسُوا سَواءً} كلام مستأنف مسوق لبيان التفاوت بين أهل الكتاب، وليس واسمها وخبرها، والوقف تام على سواء {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ} الجملة مستأنفة أيضا مسوقة لبيان ما أجمله، ولتعداد محاسن مؤمنى أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيد وأسيد بن عبيد وأمثالهم من اليهود الذين أسلموا، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وأمة مبتدأ مؤخر وقائمة صفة، واختار الفراء أن تكون أمة مرفوعة على أنها فاعل سواء، ولا أدري كيف استقام له ذلك مع ما فيه من توهين نظام الجملة {يَتْلُونَ آياتِ الله آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} جملة يتلون صفة ثانية لأمة والواو فاعل يتلون وآيات الله مفعوله وآناء الليل ظرف زمان متعلق بيتلون وهم الواو للحال وهم مبتدأ وجملة يسجدون في محل رفع خبر {يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الجملة صفة ثالثة لأمة والجار والمجرور متعلقان بيؤمنون واليوم عطف على الله والآخر صفة لليوم {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ} جمل ثلاث معطوفة على جملة يؤمنون بالله {وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} الواو استئنافية واسم الإشارة مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر اسم الإشارة {وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} الواو استئنافية وما شرطية في محل نصب مفعول به مقدم ليفعلوا ويفعلوا فعل الشرط مجزوم والواو فاعل والجار والمجرور في محل نصب على الحال والفاء رابطة ولن حرف نصب ويكفروه فعل مضارع منصوب بلن والواو نائب فاعل والهاء مفعول به ثان وقد نصب فعل كفر مفعولين لأنه تضمن معنى الحرمان والمنع وجملة فلن يكفروه في محل جزم جواب الشرط {وَالله عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} الواو استئنافية والله مبتدأ وعليم خبره والجار والمجرور متعلقان بعليم.

.[سورة آل عمران: الآيات 116- 117]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ الله شَيْئًا وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (116) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ الله وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}.

.اللغة:

(الصر) بكسر الصاد: الريح الباردة، كالصّرصر. قال حاتم الطائي:
أوقد فإن الليل ليل قرّ ** والريح يا غلام ريح صر

وسيأتي المزيد عنها في باب البلاغة.

.الإعراب:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ الله شَيْئًا} كلام مستأنف مسوق لذكر خلة من خلال اليهود، وهي حبهم للمال وشراهتهم إليه، ومعاداتهم من أجله، على أن خصوص الحديث يفيد عمومه، فليس الحديث عن بني قريظة والنضير بمانع من شموله لكل من يجعل ديدنه حب المال والتطويح بكل خلق جميل في سبيله، وإن واسمها، وجملة كفروا صلة ولن حرف نصب وتغني فعل مضارع منصوب بلن وعنهم جار ومجرور متعلقان بتغني وأموالهم فاعل ولا أولادهم عطف على {أموالهم} ومن الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، لأنه كان في الأصل نعت لقوله شيئا وتقدم عليه، وشيئا مفعول مطلق أو مفعول به وجملة لن تغني في محل رفع خبر إن.
{وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ} الواو عاطفة وأولئك اسم إشارة مبتدأ وأصحاب النار خبره والجملة معطوفة على جملة لن تغني {هُمْ فِيها خالِدُونَ} هم مبتدأ وفيها جار ومجرور متعلقان بقوله خالدون وخالدون خبر {هم} والجملة خبر ثأن لاولئك.
{مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا}
جملة مستأنفة مسوقة لضرب المثل في بيان كيفية عدم إغناء أموالهم التي كانوا يعولون عليها في دفع المضار النازلة بهم، ومثل مبتدأ وما اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة ينفقون صلة وفي هذه جار ومجرور متعلقان بينفقون والحياة بدل من اسم الإشارة والدنيا صفة للحياةَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ).
الجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مثل وريح مضاف اليه وفيها جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم مبتدأ مؤخر والجملة صفة ريحَ صابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ).
جملة أصابت صفة ثانية لريح، وحرث قوم مفعول به لأصابت وجملة ظلموا في محل جر صفة لقوم وأنفسهم مفعول به لظلموا فأهلكته عطف على أصابتَ ما ظَلَمَهُمُ الله وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
الواو استئنافية وما نافية وظلمهم الله فعل ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر ولكن مخففة من الثقيلة مهملة لمجرد الاستدراك وأنفسهم مفعول به مقدم ليظلمون ويظلمون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل.

.البلاغة:

1- التشبيه التمثيلي فقد شبه سبحانه ما أنفقوه في عدم جدواه وقلة غنائه بالحرث الذي عصفت به الريح الصر، وأصل الكلام: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل حرث قوم ظلموا أنفسهم فأصابته ريح فيها صرّ، ولكن خولف النظم في المثل المذكور لفائدة جليلة وهي تقديم ما هو أهم لأن الريح التي هي مثل العذاب ذكرها في سياق الوعيد والتهديد أهم من ذكر الحرث، فقدمت عناية بذكرها، واعتمادا على أن الأذواق والفطر المستقيمة تستطيع رد الكلام إلى أصله على أيسر وجه.
وقد استدل الفقهاء بهذه الآية على أن صدقة الكفار لا تنفع أصحابها، لأن العقيدة هي الأصل، وعليها الاعتماد، وهذا أسمى ما يصل إليه البيان.
2- التتميم: وقد تقدم ذكره، وهو أن يأتي المتكلم بكلمة إذا طرحت من الكلام نقص معناه في ذاته أو صفاته، والتتميم هنا في كلمة {فيها صر} فإنها أفادت المبالغة كما أفادت التجسيد والتشخيص، كما تقول: برد بارد وليلة ليلاء ويوم أيوم، ثم قيد الصر بالظرفية، لأن الريح مطلقة ثم قيدها بالظرفية، وكل مقيد ظرف لمطلقه، لأن المطلق بعض المقيد، فحصل التجسيد والتشخيص. وهذه من عيون النكت البلاغية، فاحرص عليها والله يعصمك.

.[سورة آل عمران: آية 118]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}.

.اللغة:

{بِطانَةً} بطانة الرجل بكسر الباء ووليجته من يطلعه على أسراره ثقة به وارتكانا على مودته. وهو مشبه ببطانة الثوب، وهي خلاف ظهارته. وفي مختار الصحاح: وليجة الرجل خاصته وبطانته ومنه قول الشاعر:
وهم خلصائي كلهم وبطانتي ** وهم عيبتي من دون كل قريب

{يَأْلُونَكُمْ} من ألا في الأمر أي قصر فيه. ويتعدى إلى مفعولين، لأنه يتضمن معنى المنع، يقال: لا آلوك نصحا، أي: لا أمنعك نصحا.
وقيل: هو لازم لا ينصب مفعولا. وسيأتي ذلك مفصلا في باب الإعراب.
{خَبالًا} الخبال بفتح الخاء: الفساد، وأصله ما يلحق الحيوان من مرض وفتور فيورثه فسادا واضطرابا، يقال: خبله بالتخفيف، وخبّله بالتشديد، فهو خابل ومخبّل، وذاك مجنون ومخبّل.
{عَنِتُّمْ} العنت بفتح العين والنون: شدة الضرر والمشقة.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ} كلام مستأنف مسوق لتحذير المؤمنين من موالاة اليهود، لما بينهم من أواصر قرابة وصداقة، والمراد إطلاقه، فموالاة المستعمر الأثيم لا تجوز مطلقا.
وقد تقدم إعراب النداء ولا ناهية وتتخذوا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل وبطانة مفعول به ومن دونكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لبطانة أي كائنة من غيركم أو من غير أبناء جنسكم، ويجوز تعليقها بتتخذوا فيكون الجار والمجرور في موضع المفعول به الثاني لتتخذوا، وعلى الأول مفعول تتخذوا الثاني محذوف إيجازا، وتقديره أصفياء أو أولياء {لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا} الجملة مستأنفة كأنها بمثابة البيان لحال البطانة الكافرة العدوة، وقيل هي صفة ثانية لبطانة، لا نافية ويألونكم فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والكاف مفعول به أول وخبالا مفعول به ثان. وإذا قلنا الفعل لازم فتكون الكاف في محل نصب بنزع الخافض أي: لا يألون لكم، وخبالا منصوب أيضا بنزع الخافض أي: في الخبال، ولك أن تنصبه على التمييز أو على أنه مصدر في موضع الحال {وَدُّوا ما عَنِتُّمْ} الجملة مستأنفة كسابقتها، وقيل:
هي صفة ثالثة لبطانة، وكلاهما صحيح، وودوا فعل وفاعل وما مصدرية مؤولة مع ما في حيزها بمصدر هو المفعول به أي ودوا عنتكم وضرركم وسوء ثقتكم {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ} الجملة مستأنفة أيضا أو هي صفة رابعة لبطانة، وقد حرف تحقيق وبدت فعل ماض مبني على الفتح المقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والبغضاء فاعل ومن أفواههم جار ومجرور متعلقان ببدت وعلقهما أبو البقاء بمحذوف منصوب على الحال. ومعنى ظهور البغضاء من أفواههم أنهم ينسبون بما ينم على البغضاء المركوزة في سلائقهم وخلالهم {وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} الواو للحال أو للاستئناف، فالجملة حالية أو مستأنفة وما اسم موصول مبتدأ وجملة تخفي صلة وصدورهم فاعل تخفي وأكبر خبر ما {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} الجملة مستأنفة تفيد التعليل مسوقة لتقرير أن الآيات المترادفة جديرة بحملكم على موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه، وقد حرف تحقيق وبينا فعل ماض وفاعل ولكم جار ومجرور متعلقان ببينا والآيات مفعول به وإن شرطية وكنتم فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والتاء اسم كنتم وجملة تعقلون خبر كنتم، والجواب محذوف تقديره فلا توادوهم أبدا.